الجمعة، 4 ديسمبر 2009

أمن موريتانيا بين رصاصتين


لم تترك مأساة اترارزة في يوم كان يفترض فيه أن يكون يوم ملهاتها متسعا في القلب لمزيد من الألم والحسرة إثر إرتكاب تلك المجزرة البشعة اللتي احتبست جراءها أنفاس الموريتانيين في الداخل والخارج، ليلتقطوها أخيرا بعد القبض علي الفاعل في انواكشوط بعيدا عن مكان الجريمة، وكأننا به سلم نفسه عندما قرر الإتصال من هاتفه الخلوي مصرحا لأحد الصحفيين أنه سيفعل ذلك عندما يشفي غليله وأي غليل! فعندما كان ولد فال يصول ويجول في مرابع "الخط" و"بو نعامة" متلذذا بأداء سيارته الفارهة حينا، و رصاصه المستطير غدرا من رشاشيه حينا آخر، كان المسؤولون عن الأمن في المنطقة أمام إمتحان صعب نظرا لأن الأمر يحمل في طياته أخطارا مبطنة، فلا شيئ يمكن أن يعترض طريق القاتل ويوقف جنونه ، وهم أشبه بمن يبحث عن إبرة سامة في كومة من القماش، لكن الله سلم ، ونحج الدرك أخيرا لله الحمد في القبض علي الجاني.
هذا فيما يتعلق بالأمن الداخلي حيث كثرت أيضا حوادث القتل وعمليات التلصص، أما في ما يخص الأمن الخارجي، وأقصد به أعداء موريتانيا في الخارج، فتشكل أكبر تهديد له حسب علمي، الجماعات المسلحة، وتحديدا القاعدة في بلاد المغرب الأسلامي، اللتي تلعب منذ زمن سياسة لي الأذرع مع السلطات الموريتانية، فبغض النظر عن العمليات الهجومية التي كانت الجماعة تنوي القيام بها ، سواء نجحت في ذلك أم لم تنجح، فإنها اصبحت الآن العدو رقم واحد للأمن الوطني، ولعلنا نلاحظ جميعا كيف بدأ الجيش يتكيف مع هذا الواقع الجديد
في هذا الصدد لايمكننا أن نغفل حادثة إختطاف الإسبانيين الثلاثة مؤخرا، فهي تطرح تساؤلات عديدة حول هذه الجماعة، لكن يظل من الإنصاف والموضوعية عدم الجزم تماما بضلوعها في عملية الإختطاف، حيث مازال البحث جاريا، والمعلومات شحيحة للغاية، رغم اتهام الحكومة الإسبانية شبه الصريح والرسمي لهذا التنظيم بالوقوف وراء العملية.
ما تجمع عليه مواقع الأنباء الوطنية والدولية، رغم تباين رواياتها بل وتضاربها أحيانا، فهي تجمع إذن علي ما نقل عن شهود عيان حيث ذكروا أن المهاجمين كانوا ملثمين وقاموا بإطلاق الرصاص فوق السيارة المستهدفة لإجبارها علي التوقف، قبل أن يأخذوا من فيها رهائن ويلوذوا بالفرار تاركين ورائهم سيارة الضحايا وبعض الرصاصات الفارغة المتطايرة.
وفي إنتظار فك رموز هذا اللغز المحير ومعرفة الحقيقة، نتمني لقوات أمننا كل التوفيق والنجاح في مهمتها النبيلة ضد من طغوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد، علي أمل أن تنعم موريتانيا بالأمن والإستقرار اللازمين بالضرورة لعملية الإصلاح والتنمية الموعودة