الأربعاء، 17 يونيو 2009

دم الأحرار تعرفه فرنسا


أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي الأخيرة حول الأزمة السياسية والدستورية في موريتانيا في نفسي حزنا وغيظا شديدان، وأنا المعجب بالقيم الديمقراطية وما تتيحه من حرية تامة للرأي وأحترام مقدس للدستور و الأهم من ذلك أحترام آراء الآخرين ، بل و الكفاح، إن إقتضى الحال، من أجل أن يحصلوا علي حقهم الكامل في إبداء آرائهم التي يعتقدونها مهما كانت مخالفة، كما يقول أحد فلاسفة فرنسا نفسها : " إنني لا أوافقك علي كلمة مما تقول، لاكنني أبذل دمي في سبيل أن تعبر بحرية عن رأيك" الأسئلة الكبيرة التي تبحث عن من يجيب عليها الآن، و إلا فالأيام كفيلة بذلك هي : لماذا يسعي الرئيس الفرنسي إلي كبت أصوات الموريتانيين ، وإن كان يفعل ذلك عن طريق الريمونت كونترول، بعد أن صار للعسكريين ظهيرا ؟ وماهي مصلحته الخاصة في ذلك؟ ما لذي يغريه حقا بالقول أنه لايوجد ولا نائب واحد في البلاد معارض للإنقلاب؟ ألم تصك مسامعه في باريس، عاصمة الأنوار، الأصوات الموريتانية المنددة والرافضة للعودة غير الشرعية للعسكر إلي السلطة ، هذا إذا ما سلمنا جدلا أن ظلام أنواكشوط الدامس حال بينه ورؤية الواقع السياسي في البلاد، بغض النظر عن قرون الإستشعار الحساسة التي تتمع بها فرنسا في القارة السمراء بأسرها !!! فما من ريب في أن فرنسا على علم تام بكل شاردة وواردة في بلاد السيبة، وأنها تعلم علم اليقين أنه نشأت في موريتانيا منذ اليوم الأول للإنقلاب المخيب للآمال جبهة وطنية للدفاع عن الديمقراطية تضم بين صفوفها نوابا في البرلمان و رأسآء كبري الأحزاب السياسية في البلاد، وشخصيات سياسية ووطنية معروفة، وإلا فما قيمة البرلمان من دون رئيسه السيد مسعود ولد بلخير أحد أبرز قادة هذه الجبهة اللتي لا تفتأ تذكر "سيدي" بأعتباره الرئيس الشرعي و الدستوري الوحيد لموريتانيا، و أنها لا تعترف في الحاضر، ولن تعترف في المستقبل بغيره رئيسا شرعيا، وإن وضع العسكريون الشمس عن يمينها و القمر عن شمالها، دون حل توافقي يمر حتما بعودة " المؤتمن" علي رأس هرم السلطة التنفيذية أي الرئاسة. وهو لعمري حق مشوروع طالما ناضلوا في سبيله : دم الأحرار تعرفه فرنسا وتعلم أنه نور وحققد تنكر العين ضوء الشمس من طمع !!!شخصيا لا أجد من تفسير مقنع لتغاضي الرئيس الفرنسي عن إثم الإنقلاب، و تفهمه غير المبرر للوضع الموريتاني سوي أنه موقف مدفوع الثمن أو ستترتب عليه تبعات أو إستحقاقات يؤديها المجلس العسكري الحاكم للفرنسيين، ولعل ما تناقلته وسائل إعلام موريتانية من موافقة للمجلس الحاكم علي بناء قاعدة عسكرية فرنسية في موريتانيا ما يؤكد ذلك، وهو ما سيكون إن ثبت عطاء من لايملك لمن لا يستحق! هذا ناهيك عن التسابق المحموم، لمآرب شتي، عسكريةـاستراتيجية بين أمريكا وفرنسا من جهة، وإقتصادية بين هذه الأخيرة و الصين من جهة ثانية علي الإستحواذ علي مفاصل الجسد الأفريقي المترهل.وعلي ما يبدو فإن فرنسا لا يملأ جوفها إلا إفريقيا بكاملها فهي لا تشبع من التوسع الإمبريالي، ولعل الإستفتاء الأخير في إقليم ما وراء البحار ، أو ما يسمي بجزيرة مايوت بالمحيط الهندي بمثابة الطعم الذي سيفتح شهيتها مجددا، لمحاولة الإجهاز علي البقية الباقية من أشلاء هذه القارة الغارقة حتي الأذنين في مشاكلها الداخلية قبل الخارجية ، فقد صوتت هذه الجزيرة المذكورة آنفا منذ أيام لصالح الإنضمام إلي فرنسا لتصبح المقاطعة الفرنسية رقم 101 ، لاكنني هنا أذكر فرنسا أن موريتانيا قد تجاوزت هذا الإمتحان منذ سنوات طويلة وذلك في الإستفتاء التاريخي الشهير لا و نعم أو ما يعرف ب "وي" و "نون"، و قالت كلمتها الفصل حينئذ و هي لا للتبعية، و لامجال للتراجع عن ذلك الآن فموريتانيا ماضيىة مهما كلف الثمن في طريق الإستقلال و الديمقراطية و الحرية بكل عزم و إرادة.أما إذا أرادت فرنسا تحكيم سياسة العقل بدل سياسة البطن، فلتعلم جيدا أن الإستقرار الإقتصادي و الإجتماعي لأوربا عموما يمر حتما بالسلام في إفريقيا، وهذا الأخير منطلقه هو حصول الشعوب الإفريقية المتعبة علي حكومات شرعية تنبع من الشعب و تسعي لخدمته، و إلا فستظل نار الحروب المستعرة في إفريقيا تسوق أفواج المهاجرين السريين إلي أوروبا دون رادع، فالموت في مياه المحيط الأطلسي الباردة أولي وأهون من الموت إحتراقا في حروب علي سلطة لا ناقة ولا جمل لهم فيها ، فرجاءا :أعد نظرا يا " سركوزي" فإنما أضائت لك النار الحمار المقيدا

ليست هناك تعليقات: