الأربعاء، 17 يونيو 2009

الديمقراطية في موريتانيا بأي ذنب قتلت ؟


كم هو جميل أن يشعر الإنسان بإنتمائه إلي وطن مهما كان فقيرا ومتأخرا إلا أن روح العدل والمساوات و الديمقراطية أخذت تتغلغل شيئا فشيئا في وجدان أبنائه فبدأوا يشرئبون برؤوسهم نحو السماء مؤملين مع إشراقة شمس كل يوم جديد مزيدا من الرسوخ لقيم الخير و التقدم و الإنفتاح و الديمقراطية التي كانت نسماتها بدأت تهب ـ و إن بإحتشام ـ علي مجتمعنا الموريتاني الفتي أيام الحكم المدني الخوالي...لا أنكر أني كنت ـ ربما من بين آخرين ـ قد تعجلنا كثيرا وأطلقنا العنان لمخيلا تنا أن تتأمل بحرية : تري كيف ستكون موريتانيا بعد عشرة أعوام مثلا من السير علي هذا الطريق الذي أختطته لنفسها و حازت به علي إعجاب العالم؟؟! كنت كل يوم أطلع فيه علي ما يكتبه الآخرون عن تجربتنا الفذة آنذاك ـ وكم يحز في نفسي أن أضيف الكلمة الأخيرة ـ يزداد شعوري بالفخر والحماس و أمرر يدي علي رأسي مستشرفا المستقبل وأنا علي يقين بأن دولة صغيرة بعدد سكانها ، كبيرة بمساحتها و ثرواتها الطبيعية مثل موريتانيا ، برئيس مدني منتخب ديموقراطيا لأول مرة في تاريخ الدولة الحديث منه و القديم ، وزعيم معارضة محترم حصل علي نسبة معتبرة من أصوات الناخبين ، و رجالات آخرين البعض منهم تمكن من الظهور لأول مرة علي خشبة المسرح السياسي الوطني بعد أن أجمعت الغالبية العظمي من الموريتانيين علي دورهم الفاعل في التحول السياسي الجديد الذي عرفته البلاد في تلك الفترة ، كنت أجزم حد اليقين أن دولة بهذه المواصفات لن تترك أبدا ـ مهما كان ، و في أي ظرف ـ ضرع الديمقراطية الحنون و المدرار، و تستبدله برضاعة الإنقلابات العسكرية الصناعية التي لاتخلو البتة من أخطار تلازمها ...كالرمية تنفلت من يد صاحبها ثم لا يقدر بعد ذلك علي التحكم في مصيرها. لكن كم صدمنا ـ ولنا العذر في ذلك ـ حينما قرر " ولي نعمتنا " أن يستردها فجأة ، مذكرا إيانا في كل طلعة من طلعاته علي الشاشة و الراديو أنه هو من أتي شخصيا بالديمقراطية وأنها من صنعه و صناعته ، لولا جرير هلكت بجيله !!! ولم ينقصه إلا أن يقول لنا أنها من إختراعه، ومن بنات أفكاره كما أن حاشيته و مناصروه بدورهم لا يألون جهدا في الإشارة إلي تلك النعمة التي حولوها إلي نقمة ، و التركيز عليها ، كأنهم بذلك يمُنون علينا شيئا أعطوه لنا ـ بزعمهم ـ رضي من عند أنفسهم ، ولا كنهم أسترجعوه بالقوة فوا أسفاه علي الوطن! لقد فات هؤلاء أن يدركوا أن تلك الذكريات الجميلة ماتت كخيوط الشمس علي حد تعبير نزار قباني ، فيتواضعوا قليلا ويعلموا أنهم بإحسانهم إلي موريتانيا من خلال المجيئ بالديمقراطية إنما يحسنون بذلك إلي أنفسهم أولا، ويخلدون لهم ذكري عزيزة في قلوب الموريتانيين جميعا، فيستحقوا بذلك إحترام الآخرين وتقديرهم. كما أنهم بالمقابل، وإن نجحوا فعلا في الإساءة إلي موريتانيا و سمعتها ، فقد أساؤوا أكثر إلي أنفسهم من حيث لم يشعروا وخربوا بيوت عزهم بأيديهم وأيدي الذين ناصروهم علي سرقة حلم الموريتانيين بغد أفضل . إن إنقلاب موريتانيا الأخير أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك أشخاص وضعوا في أماكن لا تناسبهم، فحُملوا ما لا يُطيقون أو علي الأصح ما لا يريدون، بغض النظر عن من وضعهم في تلك الأماكن، الشعب أو المال و النفوذ ! وأستغلوا أسوأ إستغلال الثقة التي وضعت فيهم، والآمال الكبيرة التي علقت عليهم بأن يمضوا بالمسيرة قدما، ويقطعوا بها شوطا ـ مهما قصر ـ إلي الأمام ، فكانت تلك الآمال أكبر من عقولهم و أفكارهم وخيبوا الظن فيهم إلي الأبد بعد أن كنا نحسبهم من الأخيار، فآثروا بدل ذلك أن يجروا البلد إلي معركة أخري هو في غني عن الخوض فيها ، أنهكت قواه المنهكة أصلا و أضاعت أمواله هدرا في غير طائل . لكن الأمل في بعث الديمقراطية من مرقدها و إحيائها من جديد يظل قائما ، بل و قويا جدا بعد أن أدركت القوي الوطنية الجادة أهميتها ، وآمنت بها بلسما شافيا لجراحات موريتانيا النازفة، سيما وأن هذه الكوكبة من الوطنيين الغيورين علي قدر عال من النضج السياسي و الثقافي مما يجعل الآمال معقودة عليها بعد الله في رد قطار الديمقراطية إلي سكته الطبيعية و ضمان إلتزامه إياها بشكل دائم ، فلهم منا كل الدعم و العرفان بالجميل ، و عودة ميمونة للديمقراطية إن شاء الله

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ya5ay maga6it 5ilgit t3oud tmout wele tiniktil ga3 hhhhhhhhhhhhh